Saturday, February 7, 2015

Grazing the Sky "حرث السماء" ...... تحريض علي الشغف

حرث السماء ...... تحريض علي الشغف


كتبت: رشا حسني

الشغف



من المؤكد أن الهدف من الحياة لا يقتصر فقط علي ما يبدو لنا من مظاهرها وفقط ولكن هناك أهداف أسمي، أجمل وأمتع من أن يحيا الإنسان مثله كمثل الكثيرين ممن يسيرون علي وجه البسيطة دون هدف دون غاية والأهم دون "شغف". فالشغف هو ذاك الهاجس أو الدافع الذي يظل يطارد الإنسان كي يكتشف ما بداخله من قدرات ومقومات تجعل منه إنساناً مختلفاً، إنساناً ناجحاً، فالشغف ببساطة هو سر استمتاع المرء بحياته.

يعتبر الفيلم الوثائقي"حرث السماء" للمخرج المكسيكي هوراسيو أكالا فيلماً مُحرضاً ومُلهماً في نفس ذات الوقت، فهو يُحرض كل من يُشاهده علي اكتشاف شغف حياته، شغفه تجاه ما يريد فعلاً أن يفعله بل ويتفوق في فعله ومُلهماً لأنه من الممكن وأن يتلمس المُشاهد من خلال قصص أبطال العمل أولي خطواته لتحقيق حلم حياته وشغفه. الفيلم مرآة تعكس لمُشاهده ما لا يراه وما يجب أن يراه ويبحث عنه.

يُلقي الفيلم الضوء علي تجارب أداء "سيرك لو سوليه" بفرنسا لإختيار مؤديين جدد للسيرك ليغوص الفيلم داخل مجموعة حكايا اختارها المخرج بعناية شديدة تتمتع بالتنوع والتميز الإنساني والحركي والبدني ولقد تم تصوير الفيلم في إحدى عشرة دولة مختلفة بثلاث لغات مختلفة.

الاختلاف

يندرج فيلم "حرث السماء" تحت فئة الأفلام الوثائقية ولكن ومنذ الوهلة الأولي يمكنك أن تشعر بمدي اختلافه عن المفهوم التقليدي والشائع للفيلم الوثائقي من وجود عدد معين من الضيوف أو المتحدثين في أماكن تتكرر روتينياً في أحجام لقطات ثابتة يغلب عليها الحجم المتوسط، ويظل هؤلاء الضيوف يرون حكاياهم ويسردون ذكرياتهم لتلك الآلة الصماء التي أما مهم برتابة شديدة حتي وإن كان حجم المعلومات التي يلقونها تفوق ما يمكن العثور عليه من خلال عشرات الكتب والمجلدات.

البداية

يبدأ الفيلم بجملتين من أهم الجمل التي جاءت في الفيلم علي ألسنة أبطاله أولاهما" أنه حتي عشرين عاماً مضت كان العمل في السيرك قاصراً فقط علي أبناء وأقارب العاملين بالسيرك" وهي جملة جيدة لجذب انتباه المشاهد من حيث اهتمامه بالذي حدث بعد ذلك ليتأخر المخرج وعن عمد عن الإجابة علي هذا التساؤل حتي منتصف الفيلم تقريبا وهو النهج الذي اتبعه علي مدار الفيلم فكان يعرض لنا بداية حكاية أحد أفراد السيرك ثم لا يكملها ليذهب بنا إلي حكاية أخري أيضاً لا يكملها حتي نقترب من نهاية الفيلم لينسج لنا في تتابع سردي بصري مُحكم نهايات الحكايا لتتشابك – لا إراديا –  لدي المشاهد عناصر الحكاية الأساسية للفيلم مع نهايات حكايا أبطال الفيلم ليصل المشاهد إلي خط النهاية أخيرا مُحملاً بقدرٍ هائلٍ من التساؤلات الجوهرية الشخصية التي يفرضها عقله عليه عقب إنتهاء مشاهدته للفيلم ويُعد هذا في حد ذاته قيمة مضافة للفيلم، فالفيلم الجيد هو الذي يظل مع مشاهده وجدانياً، عقلياً وعاطفياً ويظل يُمتعه ويُثير بداخله التساؤلات كلما تذكره.

أما الجملة الثانية"نظرياً أي شخص من الممكن أن يكون فنان سيرك"، فهذه الجملة أيضاً من نوعية الجملة السابقة التي تطرح في ذهن المُتلقي العديد من التساؤلات علي شاكلة إذا ما الذي يُميز فنان سيرك عن أخر وما الذي يجعل فناني السيرك مختلفين عن غيرهم هل هي قدرتهم في التعامل والتحكم بأجسادهم أم هل هي مداومتهم علي التدرب أم هي قدرتهم علي الإبداع من خلال حجم التجديد والاختلاف لفقراتهم، ليظل ذهن المشاهد ومنذ اللحظات الأولي مُنشغلاً بالسيرك وفنونه وعوالم أعضائه.

التحريض البصري

حرض المخرج المشاهد بصريا علي البحث عن شغفه الخاص وحلمه الخاص من خلال سرد بصري راقي ورائع ومختلف عن مجموعة حكايات لمجموعة من البشر مختلفين في اللغة، في الشكل، في بلد الإقامة، في مستوي التعليم فما يفرقهم أكثر بكثير مما يجمعهم ولكن ما يجمعهم أهم بكثير مما يفرقهم ألا وهو الشغف بحب السيرك وبأداء فنون أدائية جديدة ومبتكرة تندرج تحت فن السيرك.

ثم كان التحريض أيضاً من خلال أبطال العمل فيقول أحد أبطال العمل ما دفعه لابتكار فقرة أدائية جديدة وهي فقرة الرقص داخل العجلة هو حلمه بالطيران وأكد علي أن الإنسان من الممكن أن يحقق حلمه عبر صور مختلفة عن الصور والأشكال التقليدية فهو يشعر وهو يؤدي فقرته داخل العجلة بأنه يطير وقال أيضاً بأن شغف الإنسان بما يفعل يجعله يتغلب علي أي صعوبات من الممكن أن تواجهه أثناء تحقيق حلمه.





وظف المخرج المكسيكي هوراسيو أكالا كل عناصر الوسيط السينمائي افرض روحاً مختلفة علي عمله المختلف فنجده وبمساعدة مدير التصوير بالطبع يستغلون عنصر الإضاءة استغلالا مُهراً من خلال الحكايا ومن خلال تكوينات المخرج البصرية التي أعدها المخرج ببراعة كما لو أنه يعدها لفيلم روائي وليس وثائقي، وبتضافر هذه العناصر وغيرها استطاع المخرج أن يجعل من فيلمه فيلماً وثائقياَ مختلفاً.

النهاية.... البداية

في نهاية الفيلم ومع تضافر خيوط الفيلم من خلال وضوح حكاية كل بطل من أبطال الفيلم خاصة بعد الصعوبات التي مر بها كل منهم خلال مشواره لتحقيق حلم نكتشف أنها ليست إلا البداية، بداية من تعرضوا لإصابات بالغة منها ما هو في العمود الفقري كانت كفيلة بإقعادهم مدي حياتهم في العمل مرة أخري وكيف أن إصرارهم علي العمل والنجاح كان كفيلاً بتذليل معوقات بدنية وحركية.

التواصل الإنساني.... يشعر المشاهد بأهمية القدرة علي التواصل الإنساني من جديد رغم الصعاب الحياتية من خلال الحياة اليومية، فهي قيمة ضرورية ليس فقط لنجاح فرق الأداء داخل السيرك ولكن لنجاح أي فريق عمل في أي مجال فحين فقد لاعب السيرك لحظة التواصل الإنساني التي تجمعه بشريكه سقط شريكه وتعرض لحادث مؤلم وحينما استطاعا التغلب علي ذلك الفقد استطاعوا أن يستعيدوا لحظة التواصل مرة أخري كبداية جديدة.

الثقة...نجد الفتاة التي تذكر لشريكها بالفقرة الأدائية أنها لولاه لما فعلت ما تفعله لما امتلكت لا الجرأة ولا الشجاعة للقيام بمثل تلك الحركات أو الفقرة كلها كدليل علي أن الثقة في العمل بين العاملين شرط أساسي لنجاع أي عمل، فهي لا تأمن لا علي جسدها ولا علي شكل أدائها مع أحداً غيره كدليل أيضاً علي مدي التناغم والتوافق الذي وصلا إليه كشريكين.





وأخيراً فاقد الشئ من الممكن أن يعطيه... ففي حكاية الشاب الفلسطيني الذي افتقد لمدرسة أو مؤسسة يتعلم من خلالها فنون السيرك خاصة بعد تعرضه لإصابة شديدة بعموده الفقري، نجده ليس فقط يتعلم فنون السيرك رغم إصابته ولكنه يعود لوطنه بل ويجوب العالم لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحلمون بتعلم وممارسة فنون السيرك الذين لا تتاح لهم تلك الفرصة، فيقوم بتدريبهم ومعاونتهم علي تحقيق حلمهم ليغير من مفهوم فن السيرك ليس فقط في وطنه ولكن بشكل عام أن من  حق أي شخص يريد أن يتعلم أو يُتقن أي شئ أن يجد نافذة ولو صغيرة تعينه علي تحقيق حلمه وشغفه.


لينتهي الفيلم بسؤال تحريضي للمشاهد علي اكتشاف شغفه بالحياة "هذه هي قصة حياتي فما هي قصتك؟

Saturday, January 10, 2015

الخروج للنهار ........ فى عشق ولعشق السينما


رشا حسنى

الخروج

هو فعلاً خروج، خروج عن كل ما هو سائد ومستساغ ورتيب بل وممل فى السينما سواءاً فى آليات صناعتها أو حتى فى طريقة تلقيها ففيلم مثل الخروج للنهار يحتاج بالطبع لطريقة خاصة فى تلقيه ومُشاهد لديه الحد الأدنى من الرغبة فى الإستمتاع بالفيلم بشكل مختلف وذلك من خلال مشاركته لصانعى العمل بإنغماسه ذاتياً وإرادياً مع الفيلم وحالته وخصوصيته.


الخروج للنهار لا يُجسد فقط معاناة تلك الأسرة البسيطة المُكونة من الأم الممرضة والإبنة التى لا تعمل وتتفرغ لرعاية أبيها المريض مرضاً مُقعِداً، وإنما يُجسد معاناة الطبقة الوسطى والتى تنتمى إليها هذه الأسرة، من خلال رصده لبعض التفاصيل اليومية البسيطة والمتكررة فى حياة تلك الأسرة وخاصة فى تفاصيل طريقة تعامل الأم والإبنة مع الوالد القعيد فهو محور إهتمام تلك الأسرة والذى يأتى من بعده أى شئ بأى ترتيب فلا يهم ذلك.


دراما الخروج للنهار ليست دراما تصاعدية ذات ذروة تقلب مسار الأحداث وتُغير مسار رحلة البطل، فلم ينتم الخروج للنهار لتلك المدرسة التقليدية فى الكتابة ولكن تدفقت دراما الفيلم بشكل أفقى من خلال سرد تفاصيل الحياة اليومية للأسرة وصولاً لقرب نهاية الفيلم عندما إنتكست حالة الأب ونقلته الأم للمستشفى.


ماوراء المشاهد

أكثر ما يميز الخروج للنهار عن غيره من الأفلام هو تًميز رسم شخصيات الفيلم خصوصاً سعاد والأم فنجد "سعاد" مثلاً رغم فقر العيش وبؤس الحالة ومحنة مرض الأب إلا أنها لازالت تتمسك بالمحافظة على تلك الأواصر القليلة التى تربطها بأنوثتها وجمالها وإحساسها بكونها فتاة كالأُخريات من حقها أن تهتم بنفسها وشعرها ومظهرها بأن تضع مثلا مسحة كريم - زهيد السعر- على يديها بعد أن قامت بغسل بنطلون الأب، أو بذهابها للكوافير لعمل شعرها قبل مقابلتها للشاب والذى سيتهرب من مقابلتها، فلازالت سعاد تتمسك بتفاصيل الحياة العادية رغم أنها لا تحيا من تلك الحياة سوى أقل القليل.

وهو ما نراه مع الأم أيضاً ولكن بشكل أروع فى مشهد من أجمل مشاهد السينما المصرية، عندما أرادت الأم "حياة" أن تُذكر نفسها بأنها لازالت تحيا وعندما أرادات ولو للحظات بسيطة نسيان أو تناسى تلك المحنة الطاحنة فأحضرت الكاسيت بعدما وضعت به شريط لأم كلثوم وذهبت به لغرفة الأب القعيد وفى يدها الأخرى كوب شاى فتقول له "ماتيجى نسمع أم كلثوم" فيومئ لها بعينيه بالموافقة – إيماءة أقل ما توصف به هو أنها رقيقة ومعبرة وحانية وحزينة وجميلة - ثم ترفعه لتساعده على الجلوس فتقربه إليها ويشربا الإثنين من نفس كوب الشاى فجاء صوت أم كلثوم شاديةً "أنا وإنت ظلمنا الحب".

 ولكن ليس وحده الحب من ظلمهم ولكنها الحياة وقسوتها ومراراتها التى باتت لا تُحتمل سوى بمثل تلك اللحظات التى تحاول الأم إختلاسها من خلف ظهر ذاك الزمن القاسى، إستطاعت المُبدعه هالة لطفى من خلال هذا المشهد إبراز ما وراء المشهد فجعلت المُشاهد يذهب بخياله إلى تخيُل ذلك الموقف وكيف كان يحدث قبل مرض الأب وكيف كانت علاقتهما سويا وما أقساه عليهما لو كان ذلك من عاداتهما فعلاً، فبقدر حنو الموقف تأتى قسوته. 

القسوة التى تجعل سعاد تتقبل خبر دخول والدها المستشفى بذلك البرود أو الهدوء وكأنه شئ روتينى أو شئ مُتوقع، القسوة التى تجعل الإبنة تتأهب لعدم عودة والدها للمنزل بل وتسأل الأم المكلومة، الأم التى نحت الهم والشقاء ملامح وجهها "إحنا هندفن بابا فين؟".



تجسُد المأساة

كل شئ يُحيط بتلك العائلة يتحدث عن تلك الأزمة والمحنة الموجعة شديدة القسوة، لذلك تسكن المُشاهد لقطات ومشاهد بعينها كلقطة الأب فى البلكونة عندما تدخله سعاد ليأخد فائدة شمس الصباح بتعريض يديه وقدميه للشمس فلم ينطق الأب فى ذلك المشهد سوى بضع كلمات "دخلينى... أنام ....مضايق" ولكنها كانت كفيلة بجعل كثيرين ممن كانوا يشاهدون الفيلم بالإنهمار بكاءاً.

 فما أقسى أن ترى شخصاً تحبه عاجزاً أمامك ويتضاعف ذلك الشعور بالعجز مئات المرات إذا كان المريض قريباً منك بل وقد كان هو من إعتاد على الإعتناء بك وليس العكس، فلقد توحدوا مع مأساة الأب ومحنته ومع سعاد وهى تسأله"ليه بس يابا؟".

 فقط بكلمات مقتضبة معدودة نطقها أحمد لطفى من قام بأدء دور الأب بمنتهى الصدق والبراعة والفهم وعدم المبالغة فى تمثيل معاناة المرض وقسوته، تشعر بمدى حسرة وحزن ذلك الأب على نفسه وعلى ما آل إيه حاله.


واقع نحياه ولا نراه

ما عكسته الشخصيات من ردود أفعال طبيعية وإنسانية يحياها الكثيرون، جعلت المشاهد يتوحد ولو للحظات مع أبطال العمل فبالرغم من عدم رغبة الأم فى خروج سعاد خوفاً من أن يحدث مكروهاً للأب بغيابها ولا تقدر على حمله، إلا إنها تسأل سعاد "عايزة فلوس؟"، أم سعاد - ذلك الدور الذى جسدته بإتقان شديد الممثلة سلمى النجار- هى النموذج الأكثر شيوعاً بين أمهات الشعب المصرى، الأم الحمولة التى صاحبت الهم وإستساغت مرارته ، ذلك الهم الذى دفعها رغم قرب موعد نبطشيتها وحاجتها الشديدة للنوم أن تذهب للمطبخ لتقوم بتلك العمال المنزلية، فلقد إعتادت على الشقاء داخل المنزل وخارجه وما أكثر ذلك النموذج فى مجتمعنا المصرى المعاصر، مع إزدياد شريحة الأمهات المُعيلات.

 سعاد نفسها رغم حاجتها المعنوية للخروج والتمسك بالنهار الجديد وسؤالها للأم "ماما شكلى عدل؟" إلا أنها عندما كانت تغادر المنزل وقفت قليلاً تتأمل أمها فى صمت وإحساس بالذنب لخروجها وتركها أمها لتقوم بما كان يجب أن تقوم به هى. ذلك التناقض الإنسانى هو ما جعل من شخصيات الخروج للنهار شديدة التفرد والثراء.



مشهد الميكروباص

مشهد الميكروباص يُلخص فى عدة دقائق مدى ما وصلت إليه قسوة الحياة فى مجتمعنا على تلك الطبقة وتلك الشريحة، فتاة الميكروباص - دعاء عريقات – تحدثت بلسان كثير من فتيات الطبقة الوسطى اللاتى بتن لا يفكرن ولا يتحدثن ولا يخشين سوى شبح العنوسة وتقلصت أحلامهن للخلاص من متاعبهم الأسرية والإجتماعية فى ظل الرجل الذى يُغنى عن ظل الحائط، ولا يدخرون وسيلة لتحقيق تلك الغاية.


الإنسجام بين الغاية والوسيلة

عبرت هالة لطفى بمعادلات بصرية ممتعه وجمالية فى كل كادر ومشهد عما تريد أن تقوله فلا شئ زائد ولا شئ ناقص للحد الذى أوصل بعض تلك الكادرات إلى مصاف أجمل لوحات الفن التشكيلى كلقطة الأم فى غرفة الممرضات بعد نقل الأب للمستشفى أو كاللقطة التى تقف فيها الأم فى المطبخ تغسل البوتجاز وتقف سعاد فى الحمام تلملم شعرها وتتأكد من مظهرها تأهُباً للخروج أو كلقطة بزوج أول خيوط النهار على سعاد بعد أن قضت ليلة عصيبة وهى تقف وتنظر للضريح المقابل لها.

بيد أننى شخصياً لم أستسغ إستخدام Zoom in فى مشهد الميكروباص وهى تتحدث مع الفتاة الأخرى وأيضاً Zoom Out فى مشهد المحل أثناء سؤالها على المرتبة الطبية فقد أعطى إحساس بشئ مصطنع وغير حقيقى إلا إن كانت هالة لطفى به كسر إيهام المتفرج للحظات عن عمد.


أخيراً

الخروج للنهار من وجهة نظرى هو أفضل ما أنتجه نهج السينما المستقلة ولا أقول تيار السينما المستقلة، فمن الأفضل عدم ترديد هذه الكلمة كثيرا كى لا نفرضها واقعاً على حال السينما والصناعة فلابد ألا يكون فقط تياراً بل من الأفضل لجميع الأطراف أن يكون نهجاً جديداً فى صناعة السينما المصرية سواء فى المضمون والكتابة أو على المستوى الإنتاجى.

 الخروج للنهار ليس فيلماً للمشاهدة فقط ليمر من بعد مشاهدته مرور الكرام كغيره من الأفلام ولكنه فيلماً للمعايشة، فيلماً يخلق حالة جدل داخل الإنسان نفسه. قد يمس الفيلم من عايش نفس التجربة بكثير من تفاصيلها، تجربة الخوف من فقد عزيز، ولكنه سيمس كثيرين أيضاً ممن لم يمروا بنفس التجربة لصدقه فى التعبير عنها.


 لذلك سيسكن ذلك الفيلم الكثير ممن سيشاهدونه وسيتملك وجدانهم. الخروج للنهار معزوفة سينمائية فى عشق ولعشق السينما تجسدت خلاله معانى الرقة والعذوبة رغم قسوة الواقع وألمه، فالخروج للنهار حياة وليس مجرد فيلم ما يسببه من وجع هو سر متعته فما أجمل السينما حينما يحترمها ويعشقها بل ويقدرها صانعوها.

Friday, January 9, 2015

خارج علي القانون فيلم يستحق المشاهدة والإشادة







أول مقال نقدي يُنشر لي وكان بمجلة أبيض و أسود في عددها الثاني الصادر في مايو 2008

Thursday, January 8, 2015

Cake "كعكة" جديد جينفر أنستون لعام 2015



كتبت: رشا حسنى

كشفت نجمة هوليوود جينيفر أنستون عن جديدها، وهو الفيلم المُنتظر عرضه عام 2015 والذي يحمل عنوان "كعكة"، وجاء ذلك خلال مؤتمر صحفي حضرته أنستون نجمة الفيلم وفريق عمله المؤلف باتريك توبين والمخرج دانيال بارنز، ضمن فعاليات مهرجان تورنتو السينمائي الدولي في دورته التاسعة والثلاثين التي انتهت فعالياتها مساء اليوم الأحد بكندا.


تدور أحداثه حول "كلير"، إمرأة تعانى من آلام شديدة ومُزمنة بعد تعرضها لحادث سيارة لتنغمس في تعاطي المُسكنات وتُصاب بالإكتئاب الشديد، إلي أن تجد عزاءها أخيراً في التحقيق في إنتحار "أني" زميلتها في مجموعة "التغلب على الألم المُزمن"، وعلقت الناقدة جوستين تشانج على الفيلم قائلة بأنه "ليس فيلماً عن الإدمان ولا الألم الجسدي ولكنه عن ألم داخلي من نوع مُختلف"، وقد أشادت أيضاً بأداء جينيفر أنستون وبالمحهود النفسي والعصبي الذي بذلته لتأدية مثل هذا الدور الصعب، وبجرأتها على تقديم مثل هذا الدور، ويُعتبر "كعكة" هو عودة أنيستون للأدوار الدرامية المُعقدة بعد العديد من الأدوار الخفيفة والكوميدية، ويُشاركها في بطولة الفيلم آنا كندريك وبريت روبرتسون.



السينما العربية وحرب أكتوبر

رؤى مضطربة وميلودراميات فجة ومعالجات سطحية


كتبت:رشا حسني

لاشك في أن حرب أكتوبر غيرت موازين السياسة الدولية علي الأقل في فترة الحرب ولفترة بسيطة تلتها. لكنها وبالرغم من أهميتها سياسياً وعسكرياً وحتي نفسياً ومعنوياً، ليس فقط علي مستوي القادة والجنود ولكن علي مستوي السواد الأعظم من الشعب المصري والشعوب والبلدان العربية سواء تلك التي شاركت في الحرب كسوريا أو التي لم تشارك، إلا أن الغريب في الأمر أن تلك الحرب لم تحظ بما يليق بها من عرض علي الشاشة الفضية فكانت إنتاجات السينما الروائية العربية عن حرب أكتوبر ضعيفة وقاصرة بل وأضعف مما يمكن أن يُقدم عن تلك الحرب المجيدة.

 هذا في حين تفوقت السينما التسجيلية علي السينما الروائية في نقل وقائع تلك الحرب أو وقائع ما بعدها.

ويظهر ذلك القصور جلياً وبشكل سنوي مع الاحتفال بذكري الحرب المجيدة من خلال تكرار عرض الأغاني الوطنية وبعض الأفلام التي صنع معظمها في أعقاب الحرب أي في فترة السبعينات والكثير من هذه الأفلام لم يكن سوي قصص حب رومانسية علي خلفية أحداث حرب أكتوبر ولم يتم تناول الحرب درامياً ولا فنياً علي النحو الذي يليق.
 
وربما يرجع بعض القصور في ذلك إلى تدخل الدولة - وأعني بالدولة هنا القوات المسلحة خاصة إدارة الشؤون المعنوية- فهي القوة الخفية أو المُعلنة في الرقابة علي تلك الأفلام من خلال ما يجب أن يقال وما يجب أن يصور وما لا يجب. فكبل ذلك العديد من المبدعين عن نقل ما يرونه واقتصرت معظم الأفلام التي رأيناها علي تلك القصص الرومانسية التي غالباً ما يكون أبطالها من المشاركين في حرب أكتوبر.

 ومن المضحك في أفلام من المفترض فيها أن تكون جادة نوعاً ما أن لا يظهر الجانب الإسرائيلي خلال المعارك التي رأيناها في تلك الأفلام سوي من خلال جندي واحد أو حتي خمسة أو عشرة جنود على الأكثر كما لو كانت الحرب من جانب واحد فقط هو الجانب المصري وكما لو كان المصريون يحاربون عدواً خفياً.
 
إن قيام المنتجين بصنع العديد من الأفلام عن الحرب في السنوات القليلة التالية لحدوثها إنما هو دليل قوي علي النزعة الربحية التي سادت بين الكثير من المنتجين الذين أرادوا إستغلال الحرب والنصر لجني المكاسب المادية من خلال شباك التذاكر مدعمين هذا التوجه بنجم الشباك الأول في تلك الفترة محمود ياسين والذي قدم معظم تلك الأفلام إن لم يكن كلها وشاركته البطولة أيضاً نجمة من نجمات تلك الفترة هي الفنانة نجلاء فتحي. فمثلاً كان فيلما "بدور" و"الوفاء العظيم" قد تم الإنتهاء من كتابتهما قبل الحرب وتمت إضافة الأجزاء الخاصة بعد الحرب.

وفي كتابه "أطياف الحداثة صور من مصر الإجتماعية في السينما" يُقسم الناقد عصام زكريا الأفلام الروائية التي أنتجت عن حرب أكتوبر إلي ثلاث فئات :
1- الأفلام التي صُنعت عقب الحرب مباشرة وإتسمت بالتغني بالنصر ودوره في إستعادة الكرامة وتوحيد الصف وتضم: أفلام الوفاء العظيم – الرصاصة لا تزال في جيبي – بدور – أبناء الصمت – حتي آخر العمر – العمر لحظة وكلها أُنتجت ما بين عامي 1974 و 1978

2- أفلام تعرضت لحرب أكتوبر من زاوية سياسية تري أن هذه الحرب صنعها البسطاء والفقراء وكسب منها الإنفتاحيون والمطبعون وأثرياء الحروب ومن هذه الأفلام: سواق الأتوبيس - بيت القاضي – العصابة - زمن حاتم زهران – كتيبة الإعدام – المواطن مصري- العاصفة وهي أفلام صُنعت خلال الثمانينيات والتسعينات كتبها وأخرجها سينمائيون يرفضون سياسة السادات ويعتبرونها إنتكاسة ونكوصا عن حرب أكتوبر.

3- أفلام من إنتاج الدولة ممثلة في التلفزيون لم تتعرض لحرب أكتوبر نفسها (رغم وجود مشروع ضخم لصنع فيلم عن الحرب لم يظهر إلي النور حتي الآن لأسباب إنتاجية وسياسية) ولكنها تعرضت لفترة حرب الإستنزاف بإعتبارها جزءاً من أكتوبر مثل حكايات الغريب – الطريق إلي إيلات – الكافير – حائط البطولات – يوم الكرامة. وهي أفلام حديثة الإنتاج بدأت الدولة في إنتاجها تحت الضغط الإعلامي الذي يتكرر سنوياً في ذكري الحرب بضرورة صُنع أفلام وطنية عن أكتوبر وقد بدأ الإتجاه لإنتاج هذه النوعية مع النصف الثاني من التسعينات.

نظرة علي بعض أفلام أكتوبر

"الرصاصة لا تزال في جيبي 1974" اتخذ صناع هذا الفيلم من الرمزية منهاجاً للفيلم. فالوطن هو فاطمة والنكسة هي إغتصاب فاطمة وأكتوبر هو النصر لفاطمة أي النصر لمصر. 

ويذكر الناقد محمود قاسم في كتابه "الفيلم السياسي في مصر" أنه قد أجمع العديد من النقاد علي أن أقوي ما بالفيلم هو معاركه الحربية التي تم إعادة تصويرها ثانية تحت إشراف القوات المسلحة، ولكنه ليس فيلماً سياسياً بالمعني العام. 

في حين تبدو الرؤية السياسية أكثر وضوحاً بعض الشئ في فيلم "أبناء الصمت" ( 1974 ) فنموذج الصحفي أحمد راجي يعطي بُعداً سياسياً حقيقياً للفيلم فهو ليس إنتهازياً ولكنه عرف المعاناة في السجون السياسية وتعب من قسوة المعتقل وذله فاستكان ورضي بأن يكون مجنداً لأي تصرف من تصرفات السلطة في مواجهة المحررين الشبان الثائرين علي وضع الجريدة.

 وهذا الصحفي هو بلا شك الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يلعب دوراً سياسياً أو حزبيا، ولذا فإن كافة المجندين والعسكريين في هذه الأفلام عليهم فقط تنفيذ الأوامر بعيداً عن السياسة سواء كانوا معارضين أو غير منتمين سياسياً قبل التجنيد ولذا فإن السياسة لم تدخل إلي القوات المسلحة لا في هذه الأفلام ولا في غيرها.

 وأيضا يقترب فيلم "العمر لحظة" (1978) من الجانب السياسي للحرب من حيث إدانة الصحفيين الكبار الذين يبدون بالغي السلبية إزاء ما يحدث وعلاقة الصحافة بالجو العام في مصر وحالة الإحساس الدفين بالهزيمة والنكسة.

ويعتبر فيلم "أغنية علي الممر" ( 1972) من أهم الأفلام علي الجانب التقني والإنساني عن حرب أكتوبر ومن المفارقات الغريبة أنه قد تم صنعه قبل الحرب بعام، فالفيلم يرصد مجموعة محاربين أثناء المعارك واستبسالهم للدفاع عن الأرض ورغبتهم الشديدة في النصر.

 هذا إلي جانب فيلم "أبناء الصمت" (1974) الذي يعلق عليه الناقد علي أبو شادي في كتابه "السينما والسياسة" قائلاً: "استطاع محمد راضي في "أبناء الصمت" أن يقيم بناء فنياً متكاملاً كشف فيه عن الانفصام الحاد بين البنية الفوقية- رئيس التحرير وكاتب التبرير والممثلة – وبين البنية التي يمثلها المقاتلون علي الجبهة : المدرس الصعيدي والموظف والفلاح المنوفي والعامل السويسي وغيرهم من البسطاء الذين حملوا عبء الحرب وحققوا الإنتصار، مضيفاً أن خمسة من الأفلام الستة التي صنعت عن الحرب كانت معركة العبور عام 1973 طرفاً زائداً فيها، لأن السينما المصرية استبدلت أحداثها العارضة وحوادثها المفاجئة في ميلودراميتها الرديئة بأحداث الحرب فهي - أي السينما- لم تستطع أن تغير من طبيعتها وأسلوبها فاحتوت الحدث الكبير وقزمته فبدا في أفلامها متضائلاً، متقلصاً ،و بلا جذور.

أخيراً، وإجمالاً لما سبق وبنظرة متأنية لما قدمه السينمائيون من أفلام وسينما لحرب أكتوبر نجد أنها لم تقدم سوي النذر اليسير وفي رؤى مضطربة، وميلودراميات فجة، وسطحية في التعامل مع الحرب وتناولها، كما أنها جاءت فارغة من المضمون الحقيقي للحرب فيما عدا تجربة أو تجربتين لأسباب كثيرة قد نفرد مساحة أخري للحديث عنها. ولكن المؤكد أنه وحتي اليوم فليس لأكتوبر ذلك الفيلم السينمائي الذي يُحتفي به لأنه لا يوجد فيلم احتفي بحرب أكتوبر ونصرها التاريخي المجيد.

نظرة علي أهم الأفلام الحربية في السينما العالمية ورصد لآراء النقاد فيها


"كل شيء هادئ على الجبهة الغربية" .. أول فيلم حربي ناطق


كتبت: رشا حسني


ارتبطت صناعة السينما بنوعيات متعددة من الموضوعات التي تصدت لها إنتاجا وإخراجا حسب صبغة ماتقدمه قصص الأفلام بما فيها من تنوع يحمل سمات خاصة كأفلام الجريمة مثلاً أو الأفلام الغنائية، والأفلام الكوميدية، والأفلام الرومانسية. وكان منها بالطبع سينما الحرب أو السينما الحربية التي وصفت بها الأفلام التي تتناول معركة حربية أو تلقي الضوء علي حودث حربية محددة من وجهة نظر معينة كالحربين العالميتين، الأولي و الثانية، أو حرب فيتنام وغيرها. 


وفي أغلب الأحيان تحظي هذه النوعية من الأفلام بنسب مشاهدة ومتابعة عالية جداً وخاصة إذا كانت جيدة الصنع حتى مع ما أثاره كثير من تلك الأفلام من حالات الجدل بين الموافق والمعترض علي رؤية صناع العمل وكيفية الطرح كما حدث تجاه الكثير من الأفلام التي تعرضت للحرب العالمية الثانية. ولكن الملاحظ أيضا أن العديد من النقاد آثروا التناول الفني لهذه الأفلام دون الجدل حول ما تحمله من أفكار ورؤى تتفق أو تختلف مع وجهات نظرهم حول ما تتناوله مثل هذه الأفلام من شخصيات تاريخية محببة أو مكروهة، أو حتي معلومات تاريخية صحيحة أو مغلوطة.


ولا يخفي علي أحد أن أهم الحروب تأثيرا في مجريات الدول والبشر والتاريخ علي مستوي العالم كانتا الحربان العالميتان الأولي والثانية. ومن خلال السطور القادمة سنحاول إلقاء الضوء علي بعض أهم الأفلام التي تناولتهما.


الحرب العالمية الأولي:

أفلام ملحمية برؤية بصرية لفكرة عداء الحروب


"كل شيء هادئ على الجبهة الغربية" (1930)
All Quiet on the Western Front 


هذا الفيلم مأخوذ عن رواية لكاتب ألماني يدعي إريك ماريا ريمارك ويرصد المصاعب النفسية والإنسانية التي يواجهها عدد من الجنود الألمان صغيرو السن قليلو الخبرة.

يُصنف الناقد ستيفن جاريت هذا الفيلم على أنه من أوائل الأفلام التي تبنت فكرة عداء الحروب والتأكيد علي إظهار جسامة وفداحة الآثار النفسية والإنسانية والإجتماعية التي تخلفها المعارك على الجانبين : المنتصر والمهزم. وأضاف أن مخرج الفيلم لويس مايلستون قد كثف رؤيته البصرية بشكل صادم للتأكيد علي رؤيته لأهوال الحرب كما استغل كلاً من شريط الصوت والمونتاج وكافة العناصر السينمائية لتحرير القصة من بذورها الأدبية ولتكثيف تجربة الألم بصرياً بشكل لم تستطع كلمات الرواية التعبير عنه.

بينما أشاد الناقد جيميس بيراردنالي بالفيلم خاصة مشاهد المعارك وتنفيذها ببراعة ألهمت ستيفن سبيلبيرج نفسه لدرجة تأثره بها في المشاهد الافتتاحية من فيلمه الرائع "إنقاذ الجندي رايان" خصوصاً في غياب التقنيات الحديثة والجرافيك إبان تلك الفترة، وقال" لقد صنعت تلك المشاهد بحرفية عالية". وأشاد أيضاً باهتمام المخرج بالتفاصيل حني أنه جعل من الصعب تصديق أن مشاهد الوحل والخنادق قد تم تنفيذها في كاليفورنيا لا على الحدود بين ألمانيا وفرنسا.


- بلغت تكلفة الفيلم مليون ونصف المليون دولار فيما بلغت إيراداته 3 ملايين وربع المليون دولار.
- هو أول فيلم تنتجه شركة يونيفرسال وينال جائزة أوسكار أحسن فيلم.
- أول فيلم حربي ناطق.
- أول فيلم ناطق لمخرجه لويس ميلستون.
احتل الفيلم المركز 7 لأفضل عشرة أفلام ملحمية حسب تصنيف معهد الفيلم الأمريكي عام 2008 . 



فرنسا منعت عرضه حتى عام 1975
"دروب المجد " رفع مخرجه لمصاف العظماء
Paths of Glory (1957) 


الفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب هيمفري كوب صدرت عام 1935 ولقدعلق الناقد روجر إيبرت على الفيلم وهو للمخرج الكبير ستانلى كوبريك بأنه من أروع الأفلام التي تناولت الحرب وذلك لتفرد رؤيته عن الحرب ولخصوصية صانعه الناتجة عن إستخدامه لإستراتيجيات بصرية خاصة جداً به مثلاً حركة الكاميرا علي إتساع لكشف أهم وأدق تفاصيل الأماكن واللقطات الطويلة للتأكيد على أهمية موضوع تلك اللقطات.

 والفيلم يدور ببساطة حول مواجهة بين القوات الألمانية والقوات الفرنسية بالقرب من الخنادق المحصنة. ولقد منع الفيلم من العرض في فرنسا حتى عام 1975 وذلك للنظرة القاسية التي قدم بها الجنود الفرنسيين. ويضيف إيبرت أن فيلم دروب المجد هو الذي رفع كوبريك إلي مصاف المخرجين العظماء، فيما استحسن إيبرت تعاون كوبريك ومدير تصويره جورج كراوس علي إخراج كل لقطة بتأثير حاد وعميق فلا توجد بهذا الفيلم لقطة واحدة صنعت فقط جمالياً ولكن بكل لقطة تفصيلة دقيقة وحادة تتطلب من المشاهد التركيز الشديد.

كما علق الناقد ديفيد ميرميلستين علي الفيلم بأن صورة كوبريك من البداية مغرية بصرياً خاصة تلك المشاهد التي تجري أحداثها داخل الخنادق بما تحويه من دقة شديدة جداً لمهندس الديكور لودوينج ريبر. وأشاد بشكل كبير بمشهد المعركة ودقة تنفيذه وتصويره، واعتبر الناقد هذا الفيلم أيضاً بمثابة الفيلم الذي كون من خلاله المخرج ستانلي كوبريك أسلوبه الإخراجي الخاص والذي أصبح فيما بعد مدرسة يرتادها الكثيرون للتعلم.


الجدير بالذكر أنه بعد الحرب العالمية الأولي اتجهت هوليود لصناعة أفلام داعمة للسلام ورافضة للعنف بشكل ملحوظ كفيلم الموكب الكبير( 1925) وفيلم ماذا يُكلف المجد؟ ( 1926 ) وأفلام أخري تجسد درامياً تكلفة الحرب التي يدفعها الإنسان من حياته ومدي الدمار النفسي والروحي لدي الناجين من تلك الحروب.


- بلغت تكلفة إنتاج الفيلم 935 ألف دولار.
- تم تصوير الفيلم بالكامل بالقرب من ميونخ والعديد من الرجال الذين قاموا بجسيد الجنود الفرنسيين كانوا ضباط شرطة ألمان.


الحرب العالمية الثانية:

صورة خالدة في تاريخ السينما العالمية


"الهروب الكبير" محاولة القفز للحرية بواسطة دراجة نارية







استهل الناقد أندرو كولينز حديثه عن الفيلم بأنه واحد من أعظم الأفلام الحربية علي الإطلاق التي لا تمل مشاهدتها. والفيلم من إخراج جون ستورجيس عن قصة حقيقية دونها في كتاب بول بريكال الذي شارك في كتابة السيناريو مع جايمس كلافيل وبيرنت.


وتدور أحداث الفيلم حول تخطيط مجموعة من سجناء الحلفاء لحفر نفق هائل لتنفيذ خطة هروبهم من أكثر السجون الألمانية تشدداً. علق كولينز على الفيلم قائلاً بأنه من الصعب أن تشاهد هذا الفيلم دون الاستغراق في تفاصيله ومشاركة أبطاله المأزق بل وتفكر معهم في حلول للخروج من المأزق.
 ويرجع ذلك في المقام الأول للمخرج ستورجيس لاهتمامه الشديد بالتفاصيل في كل مرحلة من مراحل الفيلم.

وأشاد بالأداء التمثيلي لمعظم أبطال الفيلم خصوصاً الممثل ستيف ماكوين الذي يعتبر أداؤه في هذا الفيلم طفرة تمثيلية أشاد بها البعض ورفضها البعض معللين ذلك بأنه أداء فوضوي. كما اعتبرت محاولته للقفز للحرية بواسطة دراجة بخارية صورة خالدة في تاريخ السينما العالمية.

فيما إختلف الناقد بوسلي كروثر مع كولينز بأنه لم يقتنع بأجزاء كثيرة في الفيلم وأيضاً لم يقتنع أن تكون هذه هي العقلية التي يفكر بها سجناء داخل أقسي السجون النازية بعد خوضهم تجربة من أقسي تجارب الحياة ألا وهي تجربة الحرب، لذلك فلقد وجد في بعض مواقف الفيلم تصنعاً واضحاً.

 فيما أشاد الناقد جون بوتشيو بموسيقي الفيلم التصويرية والتي وصفها بالإستثنائية التي يمكن للمشاهد التعرف عليها بمجرد سماعها، مضيفاً أن موسيقي المارش الموظفة داخل الفيلم وحدها تعتبر مصدر إلهام.

* بلغت تكلفة إنتاج الفيلم 4 مليون دولار
* تم تصوير الفيلم بالكامل داخل ديكور سجن تم بناؤه خصيصاً للفيلم بالقرب من ميونخ، بينما تم تصوير مشاهد هروب ستيف ماكوين بالدراجة البخارية على الحدود النمساوية.

أهم فيلم حربي في تاريخ السينما
حصد 5 جوائز أوسكار
 

إنقاذ الجندي رايان... تخليد لذكرى الجنود الشجعان
صُنف الفيلم بأنه واحد من أهم الأفلام الحربية علي الإطلاق وهو أيضاً من أهم أفلام مخرجه ستيفن سبيلبيرج والذي صرح بأنه فكر في عمل الفيلم ليكون بمثابة نصب تذكاري لتخليد ذكري الجنود الشجعان الذين حاربوا وماتوا في هذه الحرب الهائلة خاصة في غزو شاطئ نورماندي، إلي جانب أن الفيلم يتناول قصة إنسانية بسيطة علي خلفية أحداث الحرب العالمية الثانية.


 حصد الفيلم خمس جوائز أوسكار منها أحسن مخرج وأخري للتمثيل لتوم هانكس مونتاج- تصوير- سيناريو- ديكور ومؤثرات. 

كما حصد الفيلم العديد من الإشادات سواء علي المستوي الجماهيري أو علي المستوي النقدي. فلقد أشاد الناقد تود مكارثي بما رآه هو من أكثر العوامل الجاذبة في الفيلم ألا وهو تغليف العديد من المشاهد الحربية التي تبدو في ظاهرها عنيفة ودموية بالكثير من الدفقات الشعورية الإنسانية التي لا يملك المشاهد أمامها سوي التعاطف والإندماج كالشعور بمدي هشاشة الحياة في لحظات كثيرة في الفيلم.

 وأثنى على حسن استخدام سبيلبيرج للتقنيات والمؤثرات السمعية والبصرية بأقصى درجة ممكنة ليصل كمخرج إلي مستوي إحترافي متقدم جدا لفيلمه الذي يعد واحدا من أهم وأنجح الأفلام التي أعادت إحياء الحرب العالمية الثانية.

كما أشاد مكارثي أيضاً بمدير التصوير وحسن تعبيره بصرياً من خلال استخدامه للألوان ودرجة شحوب كل لون بداية من ألوان الملابس العسكرية إلي السماء والبحر خاصة في ظل ساحة معركة حية. فيما صنف محررو جريدة واشنطن بوست في موضوع مجمع عن الفيلم أنه وببساطة أهم فيلم حربي في تاريخ السينما بالإضافة إلي أنه واحد من أهم الأفلام في تاريخ السينما الأمريكية وذلك لأنه يعيد تحديد الطريقة التي نفكر بها في الحرب.
 

وأشار محررو واشنطن بوست إلى أن سبيلبرج نجح في جعل الدقائق 25 الأولي من الفيلم بمثابة إعادة إحياء لإنزال بحري دون إفتعال، مؤكدين علي أن هذه الدقائق هي واحدة من أهم المرات التي تم من خلالها تقديم معركة حربية في تاريخ السينما العالمية، بالإضافة إلي أن سبيلبيرج عبر عن مفهومه الأعمق للحرب من خلال هذا الفيلم ألا وهو أنه ليس كافياً أن تكون في ساحة المعركة متحلياً بالرغبة والإستعداد للموت من أجل وطنك ولكن الأهم أن تتحلي بالرغبة والإستعداد للقتل من أجل وطنك، مشيدين بمشهد معركة الجسر وحرفية تصويره.

 ففي بعض أجزاء المشهد قد يتخيل المشاهد نفسه بأنه أمام فيلم وثائقي عن تلك المعركة وأن المصور يحاول جاهداً اختيار مكان مناسب للتصوير دون أن يتأذي، فلقد تفوق هذا المشهد من الفيلم علي أفلام كاملة كثير منها ألمانية صنعت عن موقعة الجسر كفيلم Das Brucke (The Bridge) أو The Winter War أوStalingrad وDas Boot أيضاً.

وكان تعليق الناقد بول تاتارا أن سبيلبيرج جسد الحرب في هذا الفيلم بأنها الجحيم علي الأرض مُضيفاً أنه وبالرغم من جودة الفيلم إلا أنه لا يوجد فيلم لا تشوبه شائبة وتُعد بعض كليشيهات السيناريو هي شائبة هذا الفيلم ولكنها خطيئة تغتفر بجانب قوة ورصانة ورؤية سبيلبيرج وأيضاً الروعة علي المستوي التمثيلي خاصة توم هانكس بأدائه الذي يجذبك له رويداً رويداً ثم يستحوذ عليك ولا يدعك تذهب بعينك بعيداً عنه.



- بلغت تكلفة إنتاج الفيلم 70 مليون دولار فيما وصلت إيراداته حول العالم إلي 481 مليون دولار.
احتل الفيلم المركز 8 لأفضل عشرة أفلام ملحمية حسب تصنيف معهد الفيلم الأمريكي عام 2008 .
احتل الفيلم المركز 10 لأفضل 100 فيلم ملهم علي مر العصور حسب تصنيف معهد الفيلم الأمريكي عام 2006 .
احتل الفيلم المركز 71 لأفضل الأفلام علي مر العصور حسب تصنيف معهد الفيلم الأمريكي عام 2007 .
- حاز الفيلم على المركز الأول بالقناة الرابعة الإنجليزية باعتباره الفيلم الأعظم حربياً عبر التصويت عام 2005 .


- من الغريب، أن سبيلبيرج في هذا الفيلم لم يقم بعمل storyboard أو تخيل مصور لكل مشاهد الفيلم قبل التصوير لكنه، فقط، استخدم كاميرا محمولة في كثير من الأحيان لتوصيل فكرته للمصور من خلال الصور الحية من داخل موقع التصوير.
- الجيش الأيرلندي أمد الفيلم بأكثر من 750 فردا للمشاركة كجنود بالفيلم معظمهم كانوا قد شاركوا بفيلم القلب الشجاع.


- تم خضوع الأفراد المشاركين كجنود بالفيلم للكثير من التدريب القاسي علي استخدام الأسلحة وذلك تحت الأمطار الغزيرة.
- إستخدم مدير التصوير انويس كومينزي غطاء لعدسات الكاميرا تم صنعه خصيصاً لمحاكاة شكل وإنطباع الصورة في الأربعينات.
- كان المرشح الأول لدور الجندي رايان هو إدوارد نورتن ولكنه رفض الدور فذهب للممثل مات ديمون.
- بلغت تكلفة تصوير المشهد الإفتتاحي للفيلم 11 مليون دولار وقد شارك به أكثر من ألف جندي وإستخدمت آلات الإنزال الحقيقية التي تم إستخدامها بالحرب العالمية الثانية بعد إصلاحها كما استعملت آلات تصوير خاصة لتصوير لقطات المعركة تحت الماء.


حرب فيتنام

THE DEER HUNTER 1978
3 ساعات في رحلة من الزفاف إلى الجنازة
"صائد الغزلان" أول فيلم يستخدم تقنية الدولبي


الفيلم للمخرج مايكل تشيمنو قصة وسيناريو دريك واشبورن ولويس جارفينكل وكوين ريداكر، ويتناول التأثير النفسي لحرب فيتنام علي مجموعة من الشباب الأمريكي الذين خاضوا الحرب، وأيضاً التأثير الإجتماعي الذي لحق بالمجتمع الأمريكي ككل بعد تلك الحرب. يستهل الناقد تشارلز تشؤيجر حديثه عن الفيلم بأنه أفضل أعمال مخرجه علي الإطلاق، مضيفاً أنه فيلم يستحق الدراسة لأنه غني بالتفاصيل، فمنذ اللحظات الأولي ثم علي امتداد الفيلم هناك محاولة لربط الطقوس التي تعرض على الشاشة ببعضها فما علاقة الزواج وطقوسه بصيد الغزلان وطقوسه ثم لعبة الروليت الروسي!. 


ثم يشيد الناقد بعناصر العمل السينمائية من تمثيل وتصوير ومونتاج وديكور. فيما يعلق الناقد فينيسنت كامبي على الفيلم قائلاً بأنه ليس علي نفس المستوي الجيد لأفلام مخرجه السابقة له ففيه سطحية في السرد أحياناً، مضيفاً أن المخرج والكتاب نجحا بشكل كبير في تجسيد وحشية حرب فيتنام ووحشية آثارها علي كافة الأصعدة بشكل جيد فنراها مثلاً في مجموعة مشاهد لعبة الروليت الروسية وما تحمله من إسقاطات علي الحرب وخسارتها إلي جانب تأثيرها الدموي الفج الذي يجبر المشاهد على الانتباه وإعادة النظر.

 هذا إلي جانب أن الشئ الأهم من إحداث صدمة عن طريق العنف هو الصدمة الحقيقية التي عاني منها بالفعل المجتمع الأمريكي وهي السلبية والضياع التي عاني منهما العائدون من فيتنام والتأثير السلبي لذلك علي المجتمع الأمريكي، مختتماً حديثه عن الفيلم بالاشادة بالأداء التمثيلي للأبطال علي رأسهم ميريل ستريب وروبرت دينيرو وأيضاً مدير التصوير فيلموس زيجموند.

وعلق الناقد روجر إيبرت على الفيلم قائلاً إنه رحلة من الزفاف إلي الجنازة استغرقت 3 ثلاث ساعات، ولقد أبدي إعجابه بالطريق التي تعامل السيناريو بها مع اشخاصه وجعل المشاهد يرتبط بهم وبتفاصيلهم من خلال متابعتهم للترتيب لحفل الزفاف وطقوسهم للتعامل معه.


- بلغت تكلفة إنتاج الفيلم 15 مليون دولار فيما حصد مئات الملايين كإيرادات عند عرضه علي مستوي العالم.
- استغرق تصوير الفيلم ستة أشهر وخمسة أشهر أخري لإعداد شريط الصوت حيث يعتبر هذا الفيلم هو أول فيلم يستخدم به تقنية الدولبي لتسجيل الصوت.
- تم تصوير اجزاء كبيرة من الفيلم بتايلاند.
احتل الفيلم المركز 53 لأفضل الأفلام علي مر العصور حسب تصنيف معهد الفيلم الأمريكي عام 2007 .


PLATOON 1986
الجزء الأول من ثلاثية أوليفر ستون
" الفصيلة "... وثيقة بصرية عن الحرب الفيتنامية 


يعتبر الفيلم أول ثلاثية المخرج أوليفر ستون عن حرب فيتنام من بطولة توم برينجر وتشارلي شين وويليام دافو. نال الفيلم العديد من الجوائز وحصد إعجاب وإشادة الكثير من النقاد. تعلق الناقدة شيلا بينسون على الفيلم بأن المخرج أوليفر ستون صنع هذا الفيلم ليعرفنا كيف كانت الحرب في فيتنام بالضبط، فيما انتقدت الفيلم في بعض الشياء منها التغليق الصوتي في مشاهد خطابات كريس لجدته والتي يخبرها فيها بأمور قد أخبرها ستون للمشاهد فعلياً ببراعة بصرية من قبل، وأشادت بالمخرج أوليفر ستون حيث أنه تجنب كثيراً من كليشيهات الأفلام الحربية.


و فيما اعتبر الناقد ريتشارد كورليس الفيلم بأنه وثيقة بصرية عن حرب فيتنام ، فقد اعتبره الناقد تود مكارثي الفيلم بمثابة دراسة مكثفة وغنية عن حرب فيتنام، مضيفاً أن المخرج أوليفر ستون ومن خلال هذا الفيلم سعي جاهداً لزج الجمهور داخل كابوس حرب فيتنام والمسؤولة عنها الإدارة الأمريكية آنذاك. 


ولقد تمكن من ذلك فعلاً من خلال كثير من مشاهد الفيلم الصادمة التي يفضح فيها وحشية أمريكا المخزية وغير المبررة كمشهد اقتحام القرية الصغيرة المشتبه باختباء أحد أفراد الفيتكونج بها والقتل غير المبرر لأفرادها والإغتصاب الجماعي لفتاة من القرية. ويعتبر الناقد فينسنت كانبي الفيلم من افضل الأفلام عن حرب فيتنام.

أما الناقد بول أتانازيو فقد استهل كلامه عن الفيلم بأن قوته تكمن في السيناريو القوي الذي كتبه ستون بمفردات سردية قوية وخطوط درامية قوية ووصفه بأنه الإنجاز الأهم بين كل ما كتبه ستون، مضيفاً أن ستون نجح في خلق جو عام للفيلم ملئ بالتوتر والخطر. 


فقد جعل ستون المشاهد يشعر بالفيلم بشكل ملموس فيشعر بالحرارة والمطر وبلدغات الثعابين واستطاع من خلال كونه جنديا شارك بالفعل في الحرب أن يجعل المشاهد يشعر بالخوف والإرتباك والأرق لأن المخرج جسد خلال هذا الفيلم أكثر لقطات الحرب واقعية.

* تم تصوير الفيلم في 54 يوماً.
* ينتمي الفيلم لنوعية الأفلام قليلة التكلفة فقد بلغت تكلفة إنتاجه 6 ملايين دولار فيما حصد 241 مليون دولار.
* احتل الفيلم المركز 86 لأفضل الأفلام علي مر العصور حسب تصنيف معهد الفيلم الأمريكي عام 2007 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

# تمت الإستعانة بالعديد من المواقع لكتابة هذا المقال منها
IMDb- the Wall Street Journal -Variety- Washington Post- New Yorker- The New York Times- CNN- cinema-crazed- Times- 

 moviemet

رابط الموضوع علي صفحة مجلة سينماتوغراف بموقع Facebook